3أخبار عالميةالأخبار العاجلة

تحليل: البريطانيون يطلبون الطلاق من أوروبا، بقلم: الكاتب ناضل حسنين

بريطانيا تصوت لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي، وقيمة الجنيه الاسترليني تنخفض الى ادنى مستوياتها منذ 1985 وأسواق المال الاوروبية تهوي هي الاخرى

993c7c5a-fdac-46bc-b21c-b49451de9bf8_16x9_600x338

افاقت اوروبا هذا الصباح على زلزال اقتصادي في رد فعل اولي على نتائج الاستفتاء في بريطانيا التي تشير الى 51.9% يؤيدون خروج بلادهم من الاتحاد الاوروبي.

بالطبع يبقى القرار النهائي للخروج من عدمه بيد مجلس العموم البريطاني، وفي حال استجاب لإرادة الشعب وقرر الانسحاب فأن ذلك يعني البدء بمفاوضات الانسحاب وهي ما قد تستغرق سنتين، بهدف اعادة ترتيب البيت البريطاني من كل جوانبه للانفصال عن اوروبا بكل القوانين التي تشمل بريطانيا مع بقية دول الاتحاد منذ عام 1973، أي منذ دخول بريطانيا في السوق الاوروبية المشتركة، وهي الهيئة التي سبقت الاتحاد الاوروبي.

كانت التوقعات الاخيرة لاستطلاعات الرأي تشير الى ان البريطانيين سيصوتون من اجل بقاء بلادهم في الاتحاد الاوروبي، أي ان كفة التوجه البرغماتي ستميل على حساب كفة النظرة القومية، ولكن جاءت النتائج على غير هذه التوقعات واربكت الجميع.

لماذا الخروج؟

من اهم دوافع القوميين وشعاراتهم اثناء حملة الحشد للخروج هي: لنستعيد استقلال بلادنا، لنستعيد سيادتنا على حدود بريطانيا، نريد ان ندير حياتنا بأنفسنا، لا يمكننا تحمل اعباء اوروبا الاقتصادية المتدهورة بعد الآن، …وغيرها من الشعارات التي تريد بريطانيا للبريطانيين فقط.

ومن مساوئ البقاء في اوروبا لدولة مثل بريطانيا التي تعتد باقتصادها وبنظامها البرلماني، انها كانت مضطرة الى تعديل المئات من قوانينها لتصبح متوافقة مع قوانين دول الاتحاد الاوروبي، ومن هنا يرى القوميون ان بريطانيا فقدت سيادتها واستقلالها.

ومن الامور التي تزعج البريطانيين بشدة في هذه القوانين الاوروبية على سبيل المثال لا الحصر، ان أي مواطن لدولة من الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي يستطيع القدوم والاقامة في بريطانيا وعلى لندن ان توفر له العمل، أو ان تضمن له مخصصات التأمين الوطني، وهذا ما كان يستفيد منه بكثرة مواطنو دول اوروبا الشرقية مثل بلغاريا ورومانيا واليونان الذي يعيشون في بريطانيا عالة على اقتصاد البلاد هم وافراد عائلاتهم.

كان على بريطانيا بموجب عضويتها في الاتحاد الاوروبي ان تستقبل عددا معلوما من اللاجئين من الموجة الاخيرة التي تدفقت على اوروبا، وهو ما يرفضه البريطاني ويعتبره املاء على ارادة بلاده.

بروكسل، مقر الاتحاد الاوروبي، تطالب كل عام بريطانيا بدفع مستحقات ميزانية الاتحاد الاوروبي، (أي الضريبة للاتحاد) وبدلا من تعود هذه المبالغ على شكل استثمارات في بريطانيا كانت تمنح كقروض انقاذ للاقتصاد اليوناني، بل وهناك مؤشرات على ان الاقتصاد الاسباني يسير بذات المنزلق الاقتصادي وكذلك ايطاليا مما يعني انهما ستحتاجان الى انقاذ كاليونان.

الى جانب ذلك فقد كانت قوانين الاتحاد الاوروبي تتغلغل في كل مرافق الحياة اليومية للبريطانيين وكانوا يشعرون بأنهم مكبلين بقيود تمنعهم من الانطلاق نحو الامام بسبب دول أخرى في الاتحاد ذات اقتصاد متعثر منذ سنوات، أي مل البريطاني ان يكون القاطرة التي تجر عربات طفيلية في هذه المنظومة.

لماذا البقاء؟

أما دعاة البقاء في الاتحاد الاوروبي ومن ابرزهم رئيس الحكومة ديفيد كاميرون وحزبه “المحافظون”، فقد كانوا يؤكدون ان القوة العالمية الاولى بعد سنين سيكون الاتحاد الاوروبي ولهذا فمن الضروري ان تتبوأ بريطانيا دورا قياديا في هذا الاتحاد بوصفها احدى الدول الاقوى فيه الى جانب المانيا وفرنسا.

من اهم دوافع البرغماتيين وشعاراتهم اثناء حملة الحشد للبقاء هي: بريطانيا ستبقى قوية داخل الاتحاد الاوروبي، مستقبل الاتحاد الاوروبي ان يكون القوة العالمية الاولى قريبا، اذا خرجنا لن نتمكن من العودة بعد الآن الى اوروبا، حاليا نتمتع بحالة خاصة مريحة في الاتحاد فلنحافظ عليها مثل عدم استخدام اليورو وعدم الالتزام بمعاهدة شينجن.. وغيرها من الشعارات والدعوات.

يشار الى ان حزب المحافظين وعلى رأسه رئيس الحكومة الحالية ديفيد كاميرون، كان قد وعد الناخبين قبيل الانتخابات البرلمانية الاخيرة بإجراء استفتاء حول مسألة عضوية البلاد في الاتحاد الاوروبي، وهذا ما كان امس. ويبقى على كاميرون وحكومته الاستقالة الآن بعد فشل نهجها في اقناع البريطانيين بالبقاء؟ إذ أن هذا الاستفتاء يعتبر عمليا نزعا للثقة عن حكومة كاميرون؟
سننتظر مداولات مجلس العموم ومن ثم التصويت هناك على الانسحاب او البقاء، ومن المرجح ان يستجيب البرلمان لإرادة الشعب، وعندها ستتم الدعوة الى انتخابات برلمانية جديدة. أما ديفيد كاميرون فكما كان متوقعا منه، تقدم باستقالته على ان يبقى في منصبه كرئيس حكومة انتقالية حتى شهر اكتوبر/تشرين اول من العام الجاري، الى حين اجراء الانتخابات البرلمانية الجديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *