الأخبار العاجلةكلمة حرة

الوجه القبيح لمصر…، بقلم ناضل حسنين

بعد ان أسرني المصريون في شرم الشيخ بتفانيهم لبلادهم وحمايتهم للسياحة فيها، ازعجني كثيرا ما شاهدته من تصرفات الموظفين على اختلافهم في الجانب المصري من معبر طابا.

11218866_10153412985698898_391800714679617935_n

وفي حين ترك النادل والاداري وعامل النظافة وحتى الحاجب في فنادق شرم الشيخ الرائعة افضل صورة في ذهني، ولن ابالغ إن قلت في اذهان عامة السياح، لا بد من الحديث عن الفساد المنتشر في معبر الحدود في طابا الذي يسيئ لمصر امام الاجنبي القادم ليتعرف على هذه البلاد العريقة.

حديثي هنا عن كافة الموظفين في الجانب المصري من المعبر سواء رجال الجمارك ام حتى موظفي الجوازات مرورا بضباط الامن وكلهم بالزي الرسمي. هؤلاء هم الوجه القبيح لمصر وهم الذين يسيئون لها ولأبنائها بتصرفاتهم المخجلة، فجرمهم بالغ الخطورة لانهم اول من يستقبل الزوار وآخر من يودعهم.

هؤلاء موظفون فاسدون من غرة الرأس حتى اخمص القدم، ولكل منهم سعر يبلغك به بنفسه. هنا تتعرض الكرامة المصرية الوطنية الرسمية للمهانة… هنا تداس تحت اقدام موظفين فاسدين يفترض بهم ان يعملوا خدمة لعلم بلادهم، لا سيما انهم يرتدون الزي الرسمي والنياشين على اكتافهم… فكيف لهم ان يبدوا على هذا الحال البائس؟ وكيف لهم ان يهينوا العلم المصري الذي يرفرف فوق المعبر؟ كيف لهم ان يشوهوا صورة المصري الفخور بانتمائه لبلده، على هذا النحو وتصويره بهذه الدناءة والفساد؟ هؤلاء اناس يتسابقون على جمع الرشى على شكل اكراميات يطلبونها من عابر السبيل بالصوت والصورة بلا حرج … من ارفعهم رتبة حتى ادناهم، يتفقون فيما بينهم على ان الاخلاق والكرامة تتلاشيان عند رؤية ورقة نقدية من فئة 20 جنيه.

منذ لقائك بالموظف الاول على الارض المصرية تكتشف في الحال موظفا فاقدا لاحترام الذات. موظفا تخلى عن كبريائه بلا غضاضة، حتى بدا كالمتسول الذي اعتاد التذلل، ولا تقل لي ان هذا بسبب الراتب المتدني!

اكتب هذا ليس شماتة وانما حبا لمصر ولشعبها، واتساءل، بحق رب السماء، كيف لمسؤول الامن ان يكون بهذه الدناءة بينما ينتظر منه ان يكون الآمر الناهي في شؤون الامن في المعبر، فتجده يطلب من السائح العابر عشرة جنيهات “عيني عينك” رشوة. بل بلغ به الامر ان يعاتبني لأنني كنت قد اشفقت على موظف آخر في الخمسينات من العمر وكرهت التذلل بلسانه وعينيه فناولته عشرة جنيهات. عاتبني المسؤول الامني بأن الاكرامية كانت من حقه هو وليس سواه، وانه لن يفتش سيارتي لكي “يرى طيبة قلبي”. في هذه الاثناء موظف آخر يدس رأسه في السيارة وكأنه يفتش ما بها من حاجيات، ليهمس لي، وانا خلف المقود، بألاّ انساه هو ايضاً.

رجال الجمارك ليسوا افضل حالا. هناك خمسة  موظفين يتعاملون بالنقود مباشرة مع السيارات المارة من المعبر،  وهم يجمعون رسوم خدمات على اختلافها، ومما يثير الدهشة انك عندما تدفع لقاء خدمة رسمية لديهم تجد كل موظف منهم يتذرع بأنه لا يملك “فكة” لكي تسامحهم بما تستحقه من “باقي المبلغ”.  اما بقية موظفي الجمارك مثل الذي يبدل لك نمرة السيارة وذاك الذي يعد لك المستندات وغيرهما فهم موظفون ينطقونها بلا أي حرج “اديني اشوف لون فلوسك يا باشا”.

أما موظف الجوازات فحدث ولا حرج. انه كالحاكم بأمره. وحيد لا يتقاسم مهامه مع احد رغم ان في كل اتجاه من المعبر مكان لموظفين اثنين. وهو يحمل ختمين ويجلس في مقصورته يختم جوازات المغادرين، ثم فجأة ينهض ويغادر مكانه حاملا الختمين ويتجه الى الصالة الاخرى، ليختم جوازات الوافدين، والطابور ينتظر عودته بعد نصف ساعة ليواصل خدمة المغادرين. سعر هذا الموظف 20 جنيه، تستطيع عندها ان تناوله عشرة جوازات ليختمها بدون ان يكون اصحابها في الطابور ولا حتى في صالة المغادرين. كل ما عليك ان تجد زميلا له تدس في يده النقود والجوازات ثم تخرج الى الهواء الطلق فيأتي الموظف بالجوازات وقد اتم المعاملة دون الحاجة ان تقف في الطابور في الحر داخل الصالة لعطل في المكيفات.

في الجانب المصري من معبر طابا، لم ار جهاز حاسوب واحدا باستثناء جهاز لدى صراف العملات. ففي هذه البقعة من العالم لا يزال الموظف يكتب كل شيء بالقلم على قصاصات ورق بكل الاشكال ويعبئ النماذج يدويا ويدمغها بأختام  دائرية بحجم الصحن ثم يكدس مستندات كل عابر بسيارته في صناديق من الكرتون ففي ركن الغرفة ويتباهى انهم يحتفظون بملفات كل سائح لمدة خمس سنوات.

اعلم جيدا ان حالة البؤس الاخلاقي قبل البؤس المادي في هذا المعبر الحدودي ليست قضاء من السماء، وانما هي امتداد لفساد اسقط على هذا المعبر من روافد عليا قد تصل رؤساء رؤساء هؤلاء الموظفين، لأنني على ثقة بأن توظيفهم هؤلاء الفاسدين تم بطرق فاسدة تفوح منها رائحة الرشوة من الاعلى حتى الحمال في المعبر.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *