ادم وحواء

الذكاء العاطفي، حجر الأساس لعلاقة ناجحة وسعيدة

تحدث أرسطو عن أنه من النادر أن يغضب الأنسان من الشخص المناسب, بالقدر المناسب, في الوقت المناسب, للسبب المناسب و بالطريقة المناسبة. قول أرسطو عن الغضب يمكن تطبيقه على عواطف أساسية أخرى كالفرح و الحزن و الخوف.

757565

اذا اردنا ان نترجم بلغة عصرية ما قاله ارسطو يمكننا القول بأن الأتكال على”الذكاء العقلي” وحده لا يكفي ان لم يرتبط “بذكاء عاطفي” عال لأدارة هذه العواطف من أجل بلوغ مستوى متقدم من النجاح و السعادة على المستوى الشخصي و المهني. و قد أكد دانيال غولمان الذي أدخل حاصل الذكاء العاطفي الى مجال الشركات “بالنسبة الى المناصب القيادية, تمثل قدرات الذكاء العاطفي أكثر من 85% من الأشياء التي تميز بين المديرين اللامعين و المديرين المتوسطين” أي ان المهارات التقنية لا تكفي من دون المهارات العاطفية التي يمكن أن تختصر في :

1-معرفة كيف تشعر أنت و الأخرون و كيفية التصرف حيال هذا الأمر.

2-معرفة ما يجعلك تشعر بأنك بحالة جيدة, وما يجعلك تشعر أنك  بحالة سيئة, و كيف تحول السيئ الى جيد.

3-امتلاك الوعي العاطفي, و الحساسية و المهارات التي تساعدك في ان نبقى ايجابي و تزيد من سعادتنك ورفاهيتنك الى الحد الأقصى على المدى الطويل.

من هنا السؤال: هل الذكاء العاطفي يلعب دورا مهما في نجاح او فشل الحياة الزوجية؟

من المؤكد ان الذكاء العاطفي لا يقتصر على المستوى المهني او الأجتماعي فحسب, بل يشمل بشكل اساسي كيفية استخدام العواطف بذكاء في العلاقة بين الشريكين ان كان قبل او بعد الزواج. لقد اثبتت الدراسات بأن الآزواج السعداء ليسوا اذكى أو أغنى أو أكثر ثقافة من الأزواج التعساء, و ليسوا بالطبع متخصصين في علم النفس او فن التواصل او في تقنيات المفاوضات, بل هم يتجادلون و يختلفون مثل بقية الأزواج. ان ما يميز هؤلاء الشركاء هو امتلاكهم لذكاء عاطفي متقدم عن الأخرين يجعلهم قاديرين على بلورة دينامكية علائقية بعدم السماح للمشاعر السلبية بأن تطغى أو تسيطر على العلاقة, مما يجعلهم يجدون دائما اللذة و الحافز للبقاء سويا.

ان الأزواج السعداء يعلمون جيدا كيفية وضع الكلمات المناسية على عواطفهم و التعبير عنها, و يدركون اهمية تعلم “الأعراب العاطفي” المستمر لأربع افعال اساسية في حياتهم اليومية: أن يطلبوا, أن يعطوا, أن يتلقوا و أن يرفضوا.

ان نعطي اي ان نشارك الأخر بأروع ما لدينا من مشاعر وافكار واعمال ايجابية, و منها ابسط الأشياء كالأبتسامة الصادقة او اطراء جميل يشعر الأخر كم هو محبوب و مرغوب و مميز في نظرنا, ان نعطي العلاقة ما تستحق من انتباه و عناية مستمرة في اوقات الفرح و المحنة ايضا, ان نتذكر دائما المناسبات الحميمة كعيد الزواج او يوم ميلاد الشريك. ليس دقيق القول:” ان فاقد الشيئ لا يعطيه” الدليل كم من اهالي حرموا من عطف معين استطاعوا ان يهبوه لأولادهم. علينا بنفس الوقت ان نعطي بوعي و حكمة كي لا نخنق الأخر بتعبيرنا تاركين له المساحة الكافية كي يبادر هو ايضا تجاهنا, اخيرا بجب ان نقيم التوازن بأن نعطي الحب كما يحلو للأخر ان يتلقاه, و كما يحلوا لنا ان نعطيه.

أن نرفض اي ان يكون لدينا القدرة و الشجاعة لعدم قبول أو تليبة بعض الطلبات أو التصرفات أو ردود فعل الشريك التي يمكن ان تكون مثلا, عدم قبول أن يفرض على الزوجة الذهاب كل نهاية عطلة اسبوع عند أهل الزوج من دون الأتفاق مسبقا على ذلك, او اجبار الشريك على ممارسة الجنس حسب اهواء الأخر دون الأصغاء لرغباته, أو التساهل امام  كلمات أو تصرفات تحتوي على عنف يمكن ان تتحول الى عادة مع الوقت بأمكانها ان تلحق اذى كبير للشخص, كما يمكننا ان نرفض بعض الطلبات الصغيرة موضحين دائما للشريك بأن ما نرفضه هو طلبه او رغبته الحالية و ليس شخصه الذي نحترم و نقدر.

اخيرا ان نرفض يمكن ان تعني في بعض الحالات ان نرفض علاقة بأكملها لأنها ممكن ان تكون مدمرة لكيان الشخص.

اخيرا وليس اخرا, ايجاد التوازن المناسب بين هذه الأفعال الأربعة و عدم تغليب واحد على الأخر هو ترجمة فعلية و مثمرة للذكاء العاطفي في العلاقة الذي- و هذا خبر ايجابي- يمكن العمل دائما على تنميته و توظيفه في شكل افضل من اجل نمو و رفاهية العلاقة والشريكين على حد سواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *