2الأخبار العاجلةكلمة حرة

يا أهل الطيبة: الموت يقرع بيوتكم فاعتبروا، الشيخ رأفت عويضة، إمام مسجد بلال بن رباح

في كل يوم يفجعنا الموت بفاجعة جديدة تذرف لها العيون وترتجف من هولها القلوب ونستشعر معها قرب النهاية ،ثم ندفن موتانا ونجفف دموعنا وننسى أحزاننا ونمضي وكأن شيئا لم يحدث.. نعود الى غفلتنا ونسياننا عما ينتظرنا وعن دورنا في التجهز والإعداد لهذا المنتظر وذلك المصير.

images

ففي الأسبوعين الأخيرين فقط زارنا ملك الموت اثنتا عشرة مرة،ومع ذلك كثير منا لم يتعظ ولم يعتبر.. حتى سمعنا ورأينا من يضحك ويتندر، وهو يعيش في أجواء موت عزيز لم تنقض أيام عزائه، ناهيك عن التفكر والتأثر في كون ميته صائر إمّا إلى جنة أو إلى نار.

 لقد أضحى الموت في حس البعض منا، كأنه الفصل الأخير من حياتهم، وكأنما لا بعث بعده ولا نشور، حتى أن قائلهم، قد يغلط، فيقول: فلان انتقل إلى مثواه الأخير. إذن فأين حياة البرزخ والبعث، وأين النفخ في الصور،وأين إذا دكت الأرض دكاً دكاً, بل أين فأمّا إن كان من المقربين، وأين وأمّا إن كان من المكذبين الضالين، وأين، وأين، وأين …

أين ذكر هادم اللذات، وأين زيارة المقابر للعظة والاعتبار، وما الذي ذهل الناس عن أحداث ما بعد الممات ؟!

إن الغفلة عن الموت، وعدم الاستعداد له، زلل فادح وخطأ جسيم، يجب التوبة العاجلة منه، إذ أن الموت حقيقة مهمة، ينبغي للمسلم استحضارها، في الصباح والمساء، ولذا علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم, إذا أوينا إلى الفراش, أن نقول: (باسمك اللهم وضعت جنبي، وبك أرفعه، فإن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين), فأحدنا لا يعلم إن كان سيستيقظ بعد موته, أم لا, قال تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى), وعلمنا صلى الله عليه وسلم كذلك إذا أصبحنا أن نقول: (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور).

  ان الذي من شأنه ان يعيننا على تذكر الموت واستحضاره هو فهمنا لحقيقته ولكونه ليس النهاية بل هو البرزخ الفاصل والحد القاطع بين حياتين حياة الجسد وحياة الروح وبين دارين هما دار الدنيا ودار الآخرة.ان الموت في حقيقته ليس انقطاع تام  بل هو امتداد ،انه القنطرة التي نعبر خلالها من عالم الدنيا الفاني بما فيه من شدة وضنك وشقاء الى عالم الآخرة الباقي والخالد بما فيه نعيم وسعادة لمن كان أهلا لهما.

 وما أروع ما قاله شاعر الزهد ابو العتاهية وهو يحاول ان يوقظنا من غفلتنا قبل ان نندم حين لا ينفع الندم:

 حَتّى مَتى أَنتَ في لَهوٍ  وَفي    لَعِبٍ        وَالمَوتُ نَحوَكَ  يَهوي  فاغِراً  فاهُ
ما  كُلُّ  ما  يَتَمَنّى  المَرءُ    يُدرِكُهُ        رُبَّ  اِمرِئٍ   حَتفُهُ   فيما   تَمَنّاهُ

 تَلهو  وَلِلمَوتِ  مُمسانا   وَمُصبِحُنا        مَن لَم يُصَبِّحهُ وَجهُ  المَوتِ  مَسّاهُ

 وَكُلُّ   ذي   أَجَلٍ   يَوماً     سَيَبلُغُهُ        وَكُلُّ   ذي   عَمَلٍ   يَوماً   سَيَلقاهُ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *