هذه طيبتي

السياسة الأمريكية الخارجية.. ماذا سيتغير؟

بقلم الكاتب: د. محمد الجريسي – فاز باراك أوباما فماذا بعد؟ ولو فاز ميت رومني ما الذي سيتغير؟ لا أعتقد أن هناك فرقاً بين هذا وذاك، فالمتابع لتصريحات كل من أوباما ورومني يجد أنهما اتفقا في معظم القضايا الخارجية، وأهمها السلاح النووي الإيراني, والربيع العربي, وأفغانستان, ويبقي التنافس بينهما على من يدعم إسرائيل بشكل أكبر.

من المعروف أن المؤسسة الأمريكية الحاكمة تعيش تحت تأثير قوي من قبل المنظمة اليهودية في أمريكا ” أيباك” مما يفرض عليها أمراً واقعاً لا مفر منه في المدى المنظور، وهو أنه لا يمكن لأي رئيس أمريكي أن يأتي إلى البيت الأبيض دون إبداء فروض الطاعة والولاء ” لإسرائيل”, أو أن يبتعد قيد أنملة عما هو مخطط له من المؤسسة هناك، فالذي يحكم في الولايات المتحدة الأمريكية مؤسسة ومنظومة، وليست حكماً فردياً وإن كان الرئيس، ودعنا لا ننسى التفاؤل العربي والإسلامي حين فاز “أوباما” في الفترة الرئاسية الأولى والذي ازداد بشكل ملفت بعد خطابه الشهير في مصر, والذي سرعان ما تبددت كلماته, وضاعت معانيه من خلال الانحياز الكامل للحليف الاستراتيجي “إسرائيل”، وتم القفز على كل الوعود التي أطلقها أوباما للدول العربية والإسلامية بفعل السياسة الخارجية الأمريكية التي لا تحكمها مبادئ أو أخلاق, وإنما تحكمها المصلحة, والمصلحة فقط باستثناء الدعم الأمريكي اللامتناهي لإسرائيل الذي أضر بسمعة الولايات المتحدة العالمية, وقد أصبح من المؤكد تبعية الدبلوماسية الأمريكية للمواقف لهذا الكيان مهما بلغت التحديات.

ومن جانب آخر لا بد من التأكيد على أن الناخب الأمريكي لا يهتم كثيراً بالقضايا السياسية الخارجية, فيختار رئيسه بناءً على عدة معطيات أهمها: الاقتصاد (الضرائب, البطالة..) والمقدرة على التعامل مع الأزمات الداخلية والقضايا الاجتماعية كالإجهاض وغيره, والكاريزما التي يتمتع بها, ويأتي في المركز الأخير السياسة الخارجية لأمريكا.

والأسئلة التي يمكن أن تطرح في هذا الوقت، كيف ستتعاطى السياسة الأمريكية الخارجية مع العديد من الدول العربية بعد أن وصل الإسلاميون فيها إلى سدة الحكم وعلى رأسها مصر؟ وكيف ستواجه الملف النووي الإيراني…..؟ وكيف ستواجه التغير في موازين القوى العالمية في ظل صعود الصين, والمحاولات الجادة لروسيا من أجل استعادة دورها الإقليمي والدولي؟

وكيف ستتعامل مع الملف السوري والذي غلب التذبذب على الدبلوماسية الأمريكية تجاهه؟ وماذا لو وصل الإسلاميون للحكم هناك أيضاً؟

وما الخطوات التي سوف تتبعها السياسة الأمريكية من دعم الحق الفلسطيني، ووقف الانحياز لإسرائيل، واحترام الخيار الديمقراطي لشعوب المنطقة، ومدى تصحيحها لسياساتها الخارجية التي راح ضحيتها الملايين من الشعوب العربية والإسلامية في العراق وأفغانستان وفلسطين وغيرها؟

في خضم السياسة الأمريكية الخاطئة تجاهنا، إذا أراد المجتمع العربي والإسلامي أن يكونوا مؤثرين في القرار الأمريكي لا بد أن تتضافر الجهود من أجل إيجاد قواسم مشتركة “وهي كثيرة” , وأهداف جامعة تجتهد لتحقيقها، والخروج بسياسات عربية وإسلامية موحدة تواجه بها النفوذ والانحياز الأمريكي لإسرائيل . وأعتقد أن السياسات العربية التي كانت مغيبة منذ عقود بفعل الأنظمة الديكتاتورية، ممكن أن تجد لها مكاناً تحت الشمس بعد الربيع العربي، وأن تكون تلك السياسات محمية بأوراق الضغط العربية المؤثرة، وفي نهاية المطاف نلحظ أنه وحتى الآن أن سياسة أمريكا الخارجية تجاه الشعوب العربية والإسلامية والقضية الفلسطينية لم تتغير كثيراً، ويمكن القول أن “أوباما – رومني” لا يختلفان في السياسة الأمريكية الخارجية, فهما وجهان لعملة واحدة ما لم نلمس واقعاً أمريكياً جديداً ينصف الشعب الفلسطيني ويدعم عدالة قضيته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *