أخبار محلية

الاسعار الجديدة للمحروقات في الاردن تفجر برميل الغضب

خرج الآلاف من الأردنيين في مدن ومناطق عدة من الشمال إلى الجنوب فور إعلان الحكومة الأردنية برئاسة عبد الله النسور موجة رفع أسعار طالت مشتقات النفط الأساسية بنسب غير مسبوقة.

وهتف بعض المتظاهرين بشكل لافت بـ”إسقاط النظام”، في حين شهدت بعض المظاهرات أعمال شغب وتصعيدا لافتا، لاسيما في مدن معان والكرك في الجنوب، والرمثا والمفرق الحدوديتين مع سوريا.

وفي هذه الأثناء، أعلنت نقابة المعلمين عقد اجتماع طارئ لها صباح الأربعاء، وسط تسريبات عن أن النقابة تتجه إلى الإعلان عن الإضراب العام.

ورفعت الحكومة الأسعار بنسب تراوحت بين 55% للغاز المنزلي، و25% للكاز والسولار، و12% للبنزين، وهي المشتقات الأكثر استعمالا بالنسبة للعائلات الأردنية في الطهي والتدفئة في الشتاء، والمواصلات وخاصة النقل العام الذي قررت الحكومة تعديل أسعاره اعتبارا من الأسبوع المقبل.

وفور إعلان قرار رفع الأسعار بعد ظهور رئيس الوزراء على التلفزيون الأردني مساء الثلاثاء للحديث عن مبررات الرفع، ولتحذير قوى سياسية -وخاصة جماعة الإخوان المسلمين من استغلال القرار بعد أن اتهمها بـ”تجييش الشارع”- تجمع الآلاف عند دوار الداخلية وسط عمان وأغلقوه تماما وسط حضور أمني كبير.

سقف جديد

وهتف المتظاهرون الغاضبون بشعارات ذات سقف عال طالبت بإسقاط حكومة عبد الله النسور، وسمع لأول مرة في عمان وبشكل متقطع هتافات تطالب بـ”إسقاط النظام”، وهو ما يعتبر تحولا في سقف الشعارات الأردنية منذ عامين.

كما سمع من الهتافات “حرية للأبد.. غصب عنك عبد الله”، و”شعب الأردن ما ينضام.. حتى لو أسقط نظام”، و”حرية حرية.. مش مكارم ملكية”.

وأعلن المشاركون في اعتصام الداخلية استمرارهم بشكل مفتوح حتى تتراجع الحكومة عن القرارات.

وفي الكرك، رشق المئات من المواطنين مبنى المحافظة بالحجارة، وحاول بعضهم اقتحامه وسط إطلاق الغاز المدمع، كما شهدت المدينة احتجاجات أغلقت فيها شوارع رئيسية.

وعمت المظاهرات بعض المناطق في محافظة الكرك وخاصة منطقة المزار الجنوبي التي خرجت فيها مسيرة غاضبة فور إعلان قرار رفع الأسعار.

وكانت أبرز احتجاجات مساء الثلاثاء ذلك الذي وقع في محافظة معان (250 كم جنوب عمان) وأغلق المتظاهرون فيه كافة الشوارع بالإطارات المشتعلة وحاويات النفايات، وسط هتافات غير مسبوقة نالت من الملك بشكل مباشر.

وأعلن المتظاهرون في معان إضرابا عاما في المدينة الأربعاء، وسط حالة من الغليان في صفوف المتظاهرين الغاضبين.

كما أغلق المتظاهرون الغاضبون شوارع في مدينة الطفيلة التي تشهد أبرز الحراكات الشعبية المطالبة بالإصلاح منذ عام ونصف.

وفي إربد شمال المملكة، تجمع المئات على دوار وصفي التل وسط المدينة وأعلنوا اعتصاما مفتوحا ضد قرار رفع الأسعار، وسمعت في الاعتصام هتافات لافتة ذات سقف مرتفع، وحاول محتجون إحراق محطات وقود، في حين أغلقت شوارع عدة في المحافظة بالإطارات المشتعلة.

وفي الرمثا أقصى شمال المملكة على الحدود مع سوريا، أغلق متظاهرون الشوارع بالإطارات المشتعلة، وسط حالة من الغضب شهدتها المدينة التي تعتبر أهم مركز للاجئين السوريين في المملكة، لكونها محاذية لمحافظة درعا السورية.

وعمت المظاهرات مناطق أخرى متفرقة، وسط حالة شديدة من الاحتقان والانتشار الأمني، وقد كان لافتا عدم تفريق الأمن للمسيرات، في مشهد فسره كثيرون بعدم الرغبة في الصدام مع الشارع المحتقن والغاضب.

وشهدت عدة مظاهرات حرق البطاقات الاقتراع المعدة للانتخابات المقررة مطلع العام المقبل.

برميل غضب

جماعة الإخوان المسلمين ردت على تحذيرات رئيس الوزراء لها بعدم اللجوء لتجييش الشارع، ومقارنته قراراته بقرارات أخرى اتخذتها مصر التي يقودها رئيس قادم من رحم الجماعة، بانخراط حراكها الشبابي في مسيرات مساء الثلاثاء، ودعوتها لمسيرة كبرى في عمان الأربعاء.

ووصف المحلل السياسي والباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية بالجامعة الأردنية محمد أبو رمان المظاهرات الغاضبة بأنها “برميل الغضب الذي انفجر”.

وقال “كان على صناع القرار أن يتوقعوا ما يجري، ومرة أخرى يخطئ مطبخ القرار في قراءة ردود الفعل التي جاءت أسرع بكثير من كل السيناريوهات التي جرى وضعها، والتي سقطت بعد دقائق من إعلان قرار رفع الأسعار”.

واعتبر أبو رمان أن ما يشهده الشارع من انفجار في كافة أنحاء المملكة “خطير جدا ويضع مطبخ القرار أمام استحقاقات للتعامل مع ردود الفعل الغاضبة”.

وأضاف “إذا تراجع المسؤولون عن القرارات فهذه هزيمة سياسية بعد أن جرى التراجع للمرة الثانية على التوالي خلال شهرين، وإذا استمرت القرارات فإن أحدا لا يمكن أن يجزم إلى أين ستتجه الأمور”.

وانتقد أبو رمان مهاجمة رئيس الوزراء لجماعة الإخوان المسلمين، وقال “الرئيس توجه للعنوان الخطأ لأن الأسعار شأن كل بيت أردني، والذين خرجوا في كل المناطق بشكل عفوي وغير منسق لم يخرجوا بدعوة من الإخوان، وإنما ردا على القرارات التي لم يعد الأردنيون يحتملونها”.

وتابع “كان على الرئيس أن يقرأ المشهد من يوم أمس عندما أحرق المتظاهرون في معان بطاقاتهم الانتخابية، في رسالة بأن الوضع الاقتصادي أهم من الانتخابات والهم السياسي للأردنيين”.

ويرى المحلل السياسي أبو رمان أن الأردن يتجه -في حال استمرار الاحتجاجات- إلى سيناريو “الانتفاضة الشعبية الشبيهة بما حدث عام 1989، ولكن بشكل لا يمكن التنبؤ بسقفه ولا إلى أين سيصل؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *