كلمة حرة

عالماشي: اين سقطت الراية من ايدينا ؟

اقنعني احد اصدقائي بكل ما يعرفه عن نادي ريال مدريد وعن لاعبيه، اسماؤهم الثلاثية وأسماء زوجاتهم ومتى انضم كل منهم الى النادي الملكي ومن أي اتى والى متى يمتد عقده، ومتى احرز هدفا ومتى اشترى آخر سيارة. بعبارة أخرى ابهرني بمعلوماته وذاكرته القوية المليئة بأدق التفاصيل عن ناديه المحبب.

لست ادري كيف تسلسل الحديث بيننا حتى طرقنا موضوع ذكرى “هبة القدس والأقصى” فوجدت صديقي “عبقري الذاكرة” لا يعرف شيئا عن هذه الهبة ولا عما جرى خلالها مع انه ليس شابا صغير السن. إن صديقي هذا عبارة عن نموذج منتشر بالآلاف بيننا.

ما ان بدأ نهار الاثنين، يوم ذكرى مرور 12 عاما على اندلاع هبة القدس والأقصى وبداية الانتفاضة الثانية في الضفة الغربية وقطاع غزة، يوم سقوط ثلاثة عشر شهيدا من خيرة شبابنا، حتى ايقنت ان صديقي ليس الوحيد الذي لا يهتم بالتاريخ.

لقد نسي هذا الحدث او تناساه غالبية من هم في مواقع المسئولية وهذا اشد إيلاما، اناس كنا تعودنا على مدار الاعوام الماضية ان يتصدروا الصفوف فنسير خلفهم ، يرددون الهتافات فنردد خلفهم، يسرعون الخطى فنسرع خلفهم يبطئونها فنبطئها خلفهم، ولكنا دائما خلفهم تاركين لهم واجهة المشهد، ساعاتنا مضبوطة على توقيتهم، ولا نزاحمهم على مكان بينهم، علهم يرضون.

ثلاثة عشر شابا سقطوا من اجلي ومن اجلك ومن اجل هذه البلاد وهذا العيش، سقطوا في يومين بنيران قناصة رصدوهم مسبقا ، ماتوا لا لعداوة شخصية مع احد، بل لأنهم احبوا كل الناس وارادوا الخير لكل الناس ماتوا بل قتلوا. شباب في ربيع العمر لم يقترفوا ذنبا سوى تواجدهم في بؤرة الرفض، جريمتهم أنهم قالوا “لا” امام الخصم والقاضي والجلاد، وهو ذات الشخص الذي يحمل بندقية تابع تحركاتهم عبر منظارها، انه الجلاد قرر في لحظة الضغط على الزناد فحجب عنهم الحياة.

اتلفت من حولي اليوم فلا اسمع الهتاف ولا اجد المسيرة ! امد بصري الى المدى فلا المح راية ولا علما ولا حتى صولجان يدق في الارض ليرتب فينا الوتيرة.

اين سقطت الراية في غفلة منا ؟ هل باعها احدهم وعاد بثمنها ليشتري سيارة فارهة ؟ اين ذهب الجميع ؟ الم تعد تتماشى مع الموضة هذه الرقصة الشيطانية حول قبور الشهداء ؟ هل حفظ الجميع الروتين السنوي حتى صار مملا، فتخلى عنه ؟ كيف للإنسان ان يتخلى عن سيرته الذاتية ؟

يبدو ان هذه البقرة السياسية الحلوب التي تسمى “شهداء هبة القدس والاقصى” قد هرمت وجف حليبها فتخلى عنها اصحابها وجروها الى المسلخ ليتها تصلح للمائدة.

مع تحيات اخوكم : ابو الزوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *