كلمة حرة

امة عربية محبة … ذات رسالة فاسدة

لقد قيل على كثرة ما قاله العرب في الحب من شعر ونثر، وعلى شدة تعلقهم به حتى باتت لدى السامع لنثرهم وشعرهم قناعة أن الحب من أصل عربي، ولد ونشأ في بيئة عربية خالصة.. ثم شيئاً فشيئاً صار عاطفة إنسانية شاعت بين الناس جميعاً في الغرب والشرق.

إذا صح هذا القول، يصبح من حقنا أن نعتز بأننا رواد الحب في العالم، وبأننا نحن الأوائل في التبشير في الحب، وبأننا نحن الذين علمنا العالم كيف يحب.

والاعتزاز بالحب لا يكون صادقاً وخالصاً إلا إذا تجسّم في جملة من الممارسات تدل عليه، وتبرهن على صدقه.. وللأسف ففي وقتنا الحاضر عندما نبحث عن هذه الممارسات لا نجد لها أثراً.

فلا الحب سائد بين أمة العرب إلا ما قل وندر، ولا الاعتزاز بأنهم هم الذين سبقوا العالم إلى التبشير بشريعة الحب قائم بينهم؟!

انظر حولك وأمامك وخلفك، وضع إذا شئت الخريطة العربية تحت يدك، وتأمل جيداً.. للأسف سوف لا تجد إلا الصراعات والخلافات والأزمات.. هذا يسب ذاك وذاك يطعن ذاك، وهؤلاء يسيئون الإساءة تلو الإساءة إلى أولئك!

ابحث عن الحب في كل هذا وسوف لا تجده إلا عبداً ذليلاً قاصراً مقهوراً لا حول له ولا قوة، لا مكان له، لا في القلب ولا في الضمير.. إنه في حالة غياب تام حتى ليتوهم المرء أن القليل من الحب الذي مازال يسود علاقة الزوج بزوجته والأب بأبنائه والأم بأطفالها سوف يضيع وينتهي.

وأن هذا القليل من الحب المتبقي والمتمثل في العلاقات الإنسانية بين البشر سوف يتبخر إذا لم يجد مناخاً عاماً تشيع فيه ظاهرة الحب.. وسوف تتحول العلاقات بين العرب أفراداً وشعوباً إلى خيوط واهية كخيوط العنكبوت، لا إبداع فيها ولا جهد ولا حتى إنسانية.

ولولا غياب الحب في عالمنا العربي لما أصبحنا شتاتاً، وغدونا أمةً فقيرةً حتى لتكاد في قوتِها اليومي، وأمةً تلهو بالثروة وتلعب بالمال وأمةً أخرى تعبث بالقيم!!

إن الحب ينبغي أن يكون الموضوع الرئيسي لمؤتمرٍ من مؤتمرات القمة التي يعقدها الكبار العرب.. ولكن من أين لهم الحب؟!

وكيف يأتون بالحب؟!.. والبعض منهم يجلس على كرسي بُني من الجماجم البشرية!! لولا الربيع العربي الذي أزاح البعض منهم، والبقية تأتي..

من أين لبعضهم الحب، وهم من بنوا أكبر المعاقل لمصانع الكراهية بين الشعب الواحد؟! كما يجري الآن في العراق واليمن كنموذجين فاقعين، ولا تخلو البقية الباقية من البلاد العربية من ذلك.

ومن أين لهم الحب وهم أول من يقتل الحب عند ولادته في وطننا!! أيها الأحباء دعونا نحب بعضنا البعض بعيداً عن من يصدرون لنا الكراهية، فما أحوجنا للحب.

بقلم : ن.ع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *