كلمة حرة

عالماشي: نحن نسيء للرسول قبل غيرنا

بعد ان انهالت الإساءات المتتالية على الرسول الكريم وعلى الاسلام برمته لم يبق امام المسلمين اينما كانوا سوى اللجوء الى الاحتجاجات الشعبية والتعبير عن غضبهم العميق ازاء هذه الاساءات.

حين اتابع موجة الغضب التلقائية غير المنظمة في مطلعها كرد فعل طبيعي لإهانة تعرض لها الانسان المسلم في عقيدته ومحاولة المساس بقدوته الرسول الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليه، فإنني اتساءل على الفور: لماذا وضع المسلمون انفسهم في حال اصبح بمقدور كل سخيف ان يثير مليار ونصف مسلم في العالم ولا يتعرض للمساءلة في دولته حتى من باب رفع العتب ؟

لم تعد صحيفة غربية صغيرة مهما كانت تخشى التطاول على شخص الرسول الكريم سعيا لتحقيق انتشار اوسع ومبيعات اكثر على حساب مشاعر المسلمين مستترة خلف حرية التعبير المزعومة في بلادها، هذا ما تقدم عليه المجلة الفرنسية الساخرة “تشارلي هيبدو” في كل مرة تسمع بإساءة جديدة للمسلمين فتسارع الى نشر ما يحلو لها لتزيد الطين بلة.

لقد وضع المسلمون بعجزهم وقلة حيلتهم بيد كل معتوه جهاز “ريموت كنترول” يستطيع بنقرة واحدة ان يرفع من ضغط دمهم جميعا بمجرد التفوه ببذاءة عن مقدساتهم ورموزهم وفي مقدمتها الرسول الكريم، دون ان يساوره ادنى حساب نفس او رادع اخلاقي او قانوني.

هل يعقل ان يبقى المسلمون رهينة بيد كل من تسول له نفسه بالتعرض لمقومات الدين الاسلامي ثم يحتمي بدافع حرية التعبير ليتحول في بلاده ووسط مناصريه الى بطل قومي بينما تثور الشعوب الاسلامية دون ان يتململ لهذا أي مسؤول غربي ؟

أليس من الصواب ان نتخلى عن الاحتجاجات الشعبية التي نصرخ خلالها كل بوجه الآخر ولا يسمعنا من نعنيه بهذا الصراخ، وان نتحول للعمل على خلق رادع رسمي من خلال سن قوانين تحظر هذه الاساءات التي اصبحت عادة الخسيسين ؟ ألم يحن للزعماء والقادة والرؤساء وأصحاب الجلالة والسمو والأموال ان يلقوا بكل ثقلهم وثقل اموالهم لدى الدول الغربية لاستصدار قوانين تجرم كل من يتعرض للمقدسات الدينية او الاساءة للمعتقدات والرموز الدينية ككل، حتى نستفيد نحن المسلمون من حماية لمعتقداتنا ورموزنا من تطاول المتطاولين حتى وإن كان القانون يشمل الاديان كلها؟

هل يجرؤ احد في الدول الغربية مهما ذاع صيته او علت سلطته على التشكيك في وقائع المحرقة التي تعرض لها الشعب اليهودي ؟ الم يتعرض للمقاضاة والسجن الفعلي كاتب فرنسي كبير بحجم روجيه جارودي بمجرد تشكيكه بالأرقام التي نشرت عن ضحايا النازية من اليهود؟

إلا يحاول صباح مساء كل زعماء النازيين الجدد الاساءة للدين اليهودي ولمقدساته ولتاريخه ولكنهم يقفون عاجزين امام سلطة القانون التي تحظر حتى التشكيك بالتاريخ فما بالك المساس بمقدسات ورموز دينية.

لماذا تمكنت دولة كإسرائيل من حماية تاريخها بالقانون في كل الدول الغربية بينما نحن العرب الذين نملك نصف عقارات لندن، على سبيل المثال، نعجز عن حماية سيدة محجبة تسير بجوار عقاراتنا الشامخة ؟

طالما بقيت رموزنا ومقدساتنا الاسلامية بدون حماية القانون في كل دولة ودولة، ستبقى عرضة للتطاول والمساس من قبل المدسوسين والباحثين عن الشهرة على حساب مشاعرنا، وسنبقى نحن المسلمون، رهن فيلم او كاريكاتير او تصريح او حتى خربشة تسيء لديننا ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

في هذا ضعفنا وفي صمت زعمائنا التقليديين اسهام في إضعافنا، ويبقى لدينا امل في القيادات التي انبتها الربيع العربي بأن لا تأبه لإحراج المسئولين الغربيين حين تصر على حقوق المسلمين وحماية مقدساتهم حتى وان اضطر هذا الغربي المتغطرس ان يتنازل عن بند او اثنين من قانون حرية التعبير عن رأيه، لأن حرية التعبير عن الرأي لا تستخدم سوى عند الاساءة للإسلام.

مع تحيات اخوكم : ابو الزوز

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *