كلمة حرة

البديل من العبرية (6، 7) بقلم: أ.د فاروق مواسي

على طريق مناهضة استخدام اللغة العبرية بدلا عن استخدام اللغة العربية في حديثنا وكتاباتنا اليومية والمفردات التي نستخدمها، كان لا بد من العثور على المفردة العربية التي قلما يعرفها القارئ او المستمع لندرة استخدامها او لغيابها المطلق عن المفردات العربية.

لهذا نقدم لكم سلسلة من المقالات تحت عنوان “البديل من العبرية”، في عدة حلقات يتناول من خلالها البروفيسور فاروق مواسي القاء الضوء على هذا الجانب من لغتنا العربية:

المدونات السابقة

المدونة السادسة

חגורה =  حِـزام

نركب سياراتنا، وعلينا أن نتحزّم، فلماذا يصر بعضنا، وخاصة أطفالنا على أن يلفظوا (الحجورا)- بالجيم المصرية؟

فإذا طلب السائق منا أن نضع الحزام، فإن في وسعه أن يستخدم الفعل (تحزّم) ومشتقاته، وهو أيسر من اللفظ العبري: חגור أو התחגר، وكما أن القانون يلزمنا على وضع الحزام، فالقانون اللغوي يلزمنا أن نستخدم الحزام (جمعه أحزمة، فشدوها)، وليت هناك من يدفع غرامة رمزية على كل استخدام للّفظة غير العربية.

מחזיק =   مَـسّـاكَـة

أعرف كثرة الأسماء للسلسلة التي تحمل المفاتيح، لكنك قد لا تجد من يفهمك في أي لفظ تختاره من بينها، إلا إذا قلت  للبائع (أعطني محزيق)، عندها قد يقول لك: “أيوه احكي عربي”.

أقترح  أن نستعمل لفظة (مسّاكة)-  صيغة المبالغة من الفعل مسك، فهي تمسك بالمفاتيح المختلفة، وبحلقاتها، وجعلتها مبالغة لكثرة المسك بها، وكذلك لقلة استخدامها في اللغة العربية بأي معنى آخر.

سألني صديق: قال “ولماذا لا تجعل الاسم مذكرًا (مسّاك)؟

 قلت “لغة التأنيث أرق، فالوصف المذكر يوحي بمعنى اعتدائي”.

ضحك صاحبي وقال: من اليوم فصاعدًا لن أقول: حلقة، سلسلة، سلسال، حامل المفاتيح،

محزيق، ولن أستخدم ترجمة اللفظة الإنجليزية في المورد: حاملة، مِـمْـسك، بل سأكتفي بمسّاكة لتكون لفظة واحدة دالّة.

سأكون مدينًا بمسّاكة هدية لمن يستخدمها بصورة تلقائية، ويعتادها كأي كلمة عادية.

אשור = تصديق

ما أكثر ما أسمع (إشور) العبرية على ألسنة الطلاب والباحثين عن الوظائف، فهذا المسؤول (مئَـشّير מאשר، وتلك الشهادة مئوشيرت מאושרת)، وبالإضافة إلى اللفظ العبري الطاغي ثمة من يستخدم اللفظ العربي  المشتق من الجذر (ص.د.ق) خطأ.

الخطأ الشائع هنا هو في قولنا (مصادقة) بمعنى الإقرار والتأييد، والصواب هو أن المصادقة مصدر صادق، وأن بين فلان وفلان صداقة أو مصادقة حميمة. فأنا صادقت محمدًا = اتخذته صديقًا، وصادقت محمدًا النصيحة أي أخلصتها له.

إذن، يجب أن نقول: التصديق، وقد صدّق فلان الطلب، أو صدّق عليه.

ففي معجم الوسيط: صدّق على الأمر أقرّه، ولعل القرآن سبق أن استخدم الفعل (صدّق) بمعنى التحقيق: {والذي جاء بالصدق وصدّق به أولئك هم المتقون} – سورة الزمر، 33، ويعني الفعل هنا حقق ما أورده قولاً بما تحراه فعلا، وقال الراغب الأصفهاني “ويستعمل التصديق في كل ما فيه تحقيق”.

إذن، نقول: صدّق مدير المدرسة الشهادة (أو على الشهادة)، فحصل الطالب على التصديق (لا على الإشور)، وبلغ مجموع التصديقات (لا الإشوريم – אשורים) ثلاثة. أما الشهادة التي قد أجازها المدير أو وافق عليها وأمضاها، فهي مُصدَّقة (لا مئوشيرت).

כדאי =  يُحبّـَّذ، مُـحــَـبَّـذ

تكاد اللفظة العبرية أن تكون شائعة جدًا وذائعة على الألسنة، فما من مناقشة إلا وتظهر (كداي)  و (لو كداي לא כדאי) في الحوار.

تتعلق ترجمة اللفظة العبرية – باللغة التي نريد الترجمة إليها، فعند تغيير اللفظة العبرية إلى لغتنا (لهجتنا) الدارجة القريبة من الفصيحة نقول (يـسـوى أو يستاهل نسافر هذا الصيف)، وبالطبع تزاد الباء في أول الفعل المضارع بالعامية= (بيسوى أو بيستاهل نتعشى في هذا المطعم). ونحن  -كما تعلمون- لا نقاوم العامية على الألسنة في حياتنا اليومية، وإلا فإننا نضرب في حديد بارد.

أما الفصيحة فأفضل ترجمة لها – في رأيي-: (يُحبّـذ) أو اسم مفعول (مُـحَـبَّـذ)، ولا أرى (يا حبذا) ملائمة، لأنها تعبير يدل على إعجاب أكثر من كونها اختيارًا بعد تقليب الأمر، كما أن (من المستحسن) لا تفي بالمعنى تمامًا، وإذا اخترنا (من المجدي) ابتعدنا أكثر.

إذن، يحبّذ أن نستخدم اللفظة العربية، ونفضلها على (كداي)، وإذا خاطبنا  الأم في المطبخ نقول لها: بيسوى تطبخي اليوم مقلوبة. وأنا أقول لكم: يحبذ أن تتناولوا معنا طعام الغداء!

وبعد، فإذا كان لك عزيزي القارئ والمتابع أي اقتراح لترجمة، فلا تضن به علينا، كما أنتظر  أي استفسار لا تجد له مخرجًا.

المدونة السابعة

قالت العرب في تشاؤمها  “السبعة مسبوعة”، ويخشون من نتائج الرقم، رغم أن (سبعة) تدل أيضًا على الخير وعلى الكثرة، كما تتمثل في آيات وفي أشعار كثيرة.

أقدم بهذا،  لأنني سأطرح في هذه المدونة السابعة اقتراحات جريئة، وقد ينفر منها بعضنا، وقد تدعو إلى التشاؤم، وربما التفاؤل،  وربما تدعوه للتفكير في حل، ولعله يقبلها على مضض، وقد يمر عليها مر الكرام أو غير الكرام. فمن يحاولْ مخلصًا أفضل ممن يبقي الأمور على علاتها، ومن اجتهد فأصاب فله أجران، ومن طاش سهمه فحسبه أجر واحد.

המזלג  בשדה = الرافِــبَــة في الحقل

لا أعني باللفظة العبرية המזלג  شوكة الطعام التي نستخدمها كثيرًا، بل تلك الآلة التي لها أسنان ترفع المواد لنقلها أو لخزنها. إنها ( forklift ) بالإنجليزية، وقد عربها البعض (الرافعة المتشعبة).
تساءلت: أي عامل من عمالنا سيتخلى عن لفظ (مزليج) في حديثه في أثناء عمله، ومن سيتذكر أو سيردد تعبيرًا من لفظتين قد لا يستسيغهما؟
قلت: لا بد من جرأة نحت، فأخذت من رافعة (رافِ)، ومن (متشعبة) آخر حرفين (بَة) = رافِــبَــة.
أما العامل على الآلة מזלגן فهو الرافِــب.
كلمة جديدة أقترحها ليس لها معنى منافس في اللغة، عل ألسنة العمال تتعودها، ولا ألزم بها أحدًا، وذلك حتى نتخلص من اللفظة العبرية القوية، فهل لديكم اقتراح آخر؟
اللهم قد اجتهدت!

משטח =   سَــطـيــحَــة

سألني الرافِب  המזלגן:  وماذا أسمي الخشبية التي توضع عليها المواد للنقل أعني  משטח العبرية؟ هل أسميها خشبـِيَّـة؟
أجبت التسمية جيدة، لولا أن المواد توضع أحيانًا على خشبية، وأحيانًا أخرى على معدنية.

في رأيي أن نسميها سَـطيحَة، وهي ما نسطح عليها الأشياء، و(سطح) في اللغة معناها بسط، ولا أرى ما يحول دون تسميتها. فإن قال قائل: (السطيحة) في المعاجم هي التي لا تقوى على القيام لضعف أو لمرض، قلنا: نعم، ولكن الناس يستخدمون اليوم (مُقْعدة)، و (كسيحة)، ولا نجد في أدبيات اليوم من يعيدنا إلى سطيح الكاهن.
إذن هي (سطيحة) وجمعها (سطيحات)، ويجب أن نتخلى عن لفظة (مشطاح) وجمعها في لغتهم العِرْبِـيّة هو جمع تكسير (مشاطيح)؟؟؟!!!

רכבל = رَكّـابِل

اللفظة العبرية هي نحت من רכב + כבל،  ويلفظونها (رَخْبال = רַכְבַל ) خطأ، والصواب (رَكّــيـبِل = רַכֶּבֶל )،  وبالطبع فأن اللفظة الثانية مأخوذة عن العربية (حبل).
في بعض الدول العربية، وفي أريحا، حيث نجد الرَّكّابل (كما نجده في حيفا) يسمون هذه الناقلة التي تسير على (الكابل) في الهواء لتنقل الركاب في نزهتهم (تلفـريك) – اللفظة التركية = teleferik، وهي بالإنجليزية cable car, cable railway.

اقترحت قبل سنين أن نأخذ من لفظة (راكب) رك، تزاد قبل كلمة (كابل)، وعندها تكون رَكْـكابِل = ركّابِل.

كلمة جديدة اقترحتها، عل ألسنة الطلاب والسياح تتعودها، ولا ألزم بها أحدًا، وذلك حتى نتخلص من اللفظة العبرية القوية حتى في طريقة اللفظ الخاطئ، فهل لديكم اقتراح آخر؟
اللهم قد اجتهدت!

טיילת = مـَـنْــزَه

هذه اللفظة العبرية  تعني الطريق المرصوفة قرب شاطئ البحر أو في أماكن أعدت للراحة، وللنزهات أو للتمتع بالطبيعة، إنها لفظة لا بد لها من ترجمة إلى العربية بعد أن أغفل  أصحاب المعاجم تحديد لفظة لها.
لم أجد لها أقرب من اشتقاق اسم المكان من الفعل (نَـزه) = مَنْزَه، وقد خصصنا (المُـنْـتَـزَه) أو (المُـتَـَـنَزّه)  للحديقة الواسعة = park.
إن اشتقاق النزهة والمنتزهات والنزاهة  وما إلى ذلك من معان كان بدءًا يعني الابتعاد عن المكروه والقبيح. فنحن في المَنْـزَه نبتعد عما قد يرهقنا، فلعل في هذا المنزه راحة البال، ونحن نشاهد الرائحين والغادين في تجوالهم، وفي تمتعهم بالطبيعة الخلابة.

في مصر يستخدمون اللفظ الفرنسي- corniche (كورنيش) لما هو قرب البحر، ولا أظن اللفظ ملائمًا لنا إطلاقًا.
(مَـنْـزَه) كلمة جديدة أقترحها، عل ألسنة الزوار تتعودها، ولا ألزم بها أحدًا، وذلك حتى نتخلص من اللفظة العبرية القوية، وحتى لا أقول (طييلت) حيفا وعند (الطييلت) ، فهل لديكم اقتراح آخر؟
اللهم قد اجتهدت!

מד- רחוב = شارَصيف

التركيب العبري من  מדרכה + רחוב ، وهو امتداد الشارع الذي يحظر فيه سير السيارات، ويكون خاصًا للمشاة.

كتب لي صديقي جواد بولس مقترحًا النحت- رَصـِـيق، من (رصيف+ طريق)، ولم أعارض اقتراحه، بل شكرته على اهتمامه،  لكني ارتأيت أن أبدأ بالشارع (شا) وأنهي بكلمة (رصيف) على خلاف الترتيب في ما نُحت بالعبرية، وذلك من منطلق أن الشارع هو الأصل، وهذا امتداده الذي توقف، فأصبح رصيفًا.

كلمة جديدة أقترحها، عل ألسنة الزوار تتعودها، ولا ألزم بها أحدًا، وذلك حتى نتخلص من اللفظة العبرية القوية، وحتى لا أقول نلتقي في (المادرحوب) ، فهل لديكم اقتراح آخر؟
اللهم قد اجتهدت! [email protected]

تعليق واحد

  1. وأختارها ثانيًا لأنه ليس لها منافس في معناها، فإذا قلت مُـزَوِّد فقد يسألك السامع: ماذا؟ ولكنك إن قلت زَوّاد فهم المتلقي طبيعة عمل هذا الشخص – هذا إذا قبلناها-. وأختارها ثالثًا لأنها على وزان اللفظة العبرية، فأنا أنافس بلفظة عربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *