أخبار الطيبة

تقرير: الشرطة تحاور الشباب في الطيبة بدل اعتقالهم

ننشر لكم فيما يلي تقريرا صحفيا اعده الصحفي يانيف كوبوفيتش من صحيفة “هآرتس” ونشر امس الجمعة، وهو يتناول موضوعا حساسا للغاية يتعلق بمجموعة من طلاب المرحلة الثانوية من الطيبة ممن شاركوا في دورة نظمتها الشرطة ضمن مشروع “القيادة الشابة” وكيف ترى الشرطة في هذه الدورة بداية للتعاون بينما يرى طلاب الطيبة ان الثقة بالشرطة لا تزال غائبة.

من اليمين: ايهاب دسوقي، صالح جابر، لينا طيبي، درية ابو عيطة،مئير سيتبون وشرطية

التقرير يكتسب اهمية نظرا لطريقة طرحه والمفردات التي تستخدمها الصحافة العبرية عند الحديث عن الخدمة المدنية ونظرة الجيل الصاعد في المجتمع العربي عامة وفي الطيبة تحديدا لهذا الجانب السياسي من حياتهم العادية…واليكم التقرير:

في ساعة مبكرة من صباح يوم الاثنين من الاسبوع المنصرم، وصل افراد الشرطة الى احد البيوت في الطيبة بغية اجراء التفتيش في البيت، فدخلوا مختلف الغرف الى ان وصلوا غرفة يرقد فيها شاب في السابعة عشر من العمر. طلب افراد الشرطة منه النهوض لتفتيش الغرفة قبل ان يتوجه الى مدرسته.

وما هي إلا لحظات حتى عثر افراد الشرطة على مسدس تحت وسادة الشاب وفي فوهته عيار ناري. وعند سؤال التلميذ عن سبب اقتنائه لمسدس اجاب بأنه يشعر بالتهديد على حياته من قبل عدد من الاشخاص ولهذا تزود بمسدس للدفاع عن نفسه.

بالفعل ليس من السهل ان تكون شابا في الطيبة وان تكون في مأمن على حياتك. فالعنف في المدينة يستوعب كل شاب يكفي ان يكون لديه ميول واعداء.

في هذه الاجواء تعالت اصوات تدعو الى الوقوف في وجه هذا النهج الصامت الذي يأكل المدينة من الداخل ولا يدع للمواطن العادي العيش الهادئ، فقامت مجموعة تضم 38 طالبا وطالبة من طلاب المرحلة الثانوية في الطيبة وانخرطت في مشروع “القيادة الشابة” الذي يرمي الى خلق قادة المستقبل للمجتمع.

للإشراف على هذا المشروع تم اختيار ضابط مخضرم في شرطة الطيبة هو مئير سيتبون، المسؤول عن المتطوعين في مخفر شرطة الطيبة وكان على اتصال دائم ببلدية الطيبة. توجه سيتبون قبل نحو عام الى السيدة درية ابو عيطة – نائبة رئيس قسم المعارف في بلدية الطيبة لتنظيم فعاليات مشتركة بين الشرطة وعدد من الشبان والصبايا من الطيبة.

رفضت ابو عيطة الفكرة في البداية لأن مثل هذا التعاون سيعرضها للانتقاد الشديد من اهالي الطيبة، لاسيما فيما يتعلق بالشباب المشاركين في مثل هذا المشروع. وأشارت ابو عيطة الى “ان فكرة التعاون مع الشرطة غير مقبولة في الطيبة”. حاولت الشرطة مرة أخرى بأن اوفدت الضابط سيتبون يحمل معه تعهدا من قائد لواء الشرطة بالدفع قدما بمثل هذا المشروع الذي يعتمد في البداية على تنظيم دورة خاصة للمشاركين.

وقالت درية ابو عيطة: “قررنا ان نشارك جزئيا في المشروع بهدف خلق جيل عقلاني من الشباب يحافظ على القانون. وعلى الفور بدأ الأهالي بانتقاد المشروع ويوجهون لنا تهمة التشجيع على الخدمة المدنية وهناك من ترك مجموعة ’القيادة الشابة’ لهذا السبب”.

في هذه الاثناء اقام الشبان والصبايا من”القيادة الشابة” لقاءات دورية تكررت كل عدة ايام واستمعوا خلالها لمحاضرات عديدة قدم معظمها اخصائي علم الاجرام رامي ناطور من قلنسوة، الذي قال: “إذا لم نعتن بهذه النواة من المشاركين، فإنهم سيكونون عرضة للانصهار في مجتمع العنف، فهم من عائلات تنظر الى الشرطة بعين مختلفة وهذا بحد ذاته امر غير بسيط في الطيبة”.

واضاف رامي ناطور: “كان علينا في البداية التغلب على افكار خاطئة منتشرة وسط الشبان الصغار. هذه الافكار تقول ان كل من يدخل السجن يعتبر بطلا وانه رجل اثبت حقه في الانتماء الى هذا المجتمع الذي يرفض الضعفاء. لدينا مثل يقول: ’السجن للابطال’، وعلينا الآن محاولة تغيير هذا النمط وهذه الافكار في الوقت الذي لدى الشبيبة في الطيبة فكرة سلبية عن الشرطة. آمل ان الاحتكاك اليومي بالشرطة سيغير من النظرة السلبية تجاه الشرطة ويمنحهم فرصة التعرف على سير الامور في الشرطة من داخلها والحصول على إجابات لتساؤلاتهم”.

في هذه الاثناء قررت الشرطة التقدم خطوة الى الامام بأفراد هذه المجموعة، فاتاحت لهم امكانية التجول في مركز الشرطة والاستماع الى شكاوي المواطنين المختلفة التي ترد للشرطة في تلك الاثناء. وكان الغرض من هذه الخطوة التوضيح لهؤلاء الشبان ان الاتصال الى الشرطة على رقم 100 لا يعتبر وشاية، وان الامر يجري يوميا وباستمرار. وقام الشبان كذلك بجولة في مدرسة اعداد افراد الشرطة، والمختبر الجنائي ومراكز عديدة للشرطة وتعرفوا على افراد وحدات خاصة لدى الشرطة وكل ما يتعلق بالشرطة.

ثم عند نهاية الدورة اقيم حفل في “المتناس” وزعت خلاله الشهادات على المشاركين في هذه الدورة بعد ان وقع كل منهم على قسم ينص على: “الحفاظ على مصالح المجتمع في المدينة بغض النظر عن الانتماء العائلي او السياسي”.

مر اكثر من اسبوعين على اختتام الدورة وتخريج افراد المجموعة منها ولم نر أي منهم يسارع الى ارتداء زي الشرطة ولن نرى أي منهم يفعل هذا قريبا. يقول صالح جابر (18 عاما) من المشاركين في الدورة: “بعد الدورة، لا زال من الصعب علي ان ارتدي زي الشرطة وادخل الطيبة. نحن نعيش في مدينة واقعها قائم على العنف والجريمة في صعود متواصل، والشرطة بمعالجتها للأمور لا تدعنا نتقبلها اطلاقا”.

وهنا تتدخل درية ابو عيطة في محاولة لتجنب الحديث عن “الخدمة المدنية”، فتقول (للصحفي): “نظرا للوضع الامني الصعب في الطيبة ارجوك ان توجه اسئلة لا تعرض الشبان للخطر. لا ضرورة للاستفسار عن الخدمة المدنية لأن هذا موضوع حساس جدا”. غير ان الشبان لديهم رأي آخر، فقد تابع صالح جابر حديثه قائلا: “لقد خضعت الاسبوع الماضي لامتحان قبول لدراسة الطب. وواجهني سؤال حول علاقة الطبيب بالمريض والثقة التي يجب ان تسود بينهما. انا اعتبر العلاقة مع الشرطة مشابهة تماما. نحن الآن في مرحلة بناء الثقة المتبادلة مع الشرطة لنستطيع التغلب على كافة المشاكل التي تعيشها الطيبة. ما من شك ان الدورة زادت من معرفتنا للشرطة وسعيها للقيام بأمور ايجابية، ولكن آمل ان تكون الشرطة قد تعلمت هي الأخرى شيئا عنا”.

من ناحيتها، تدخلت لينا طيبي (17 عاما ونصف)، قائلة: “علينا ان ندرك مصدر عدم الثقة بين الجانبين. حين اسير في شوارع الطيبة والحظ شرطيا انتقل فورا للسير على الرصيف الآخر من الشارع خشية ان يعتقلني ويقتادني الى مركز الشرطة. في مدرستنا لا يجود حارس كما هو الحال في بقية المدارس في اسرائيل. اتعلم ضمن مجموعة الموهوبين وهناك طلاب يحملون السكاكين. فقد تعرض طالب (16 عاما) لطعنة سكين في ساحة المدرسة بسبب خلاف سخيف جدا. اعجب ان لا أحد يتساءل: لماذا يحضر الطلاب الى المدرسة وفي حقائبهم سكاكين؟

ويقول ايهاب دسوقي (18 عاما) الذي سيبدأ دراسة موضوع الطب بعد عدة اشهر: “انا بعيد كل البعد عن الانخراط في صفوف الشرطة، حسب رأي، ساعدتنا هذه الدورة على ايجاد لغة مشتركة من اجل البدء في اقامة قاعدة مشتركة ليس اكثر”.

وتقاطعه لينا طيبي فتقول: “عندما انتهت الدورة وعرف الناس بأمرها، بدأت اتلقى الانتقادات الشديدة. قدمت بحثا ختاميا في موضوع الحاسوب في المدرسة، وبعد ذلك اكتشفت ان أحدهم اضاف الى البحث عبارات مفادها انني اريد تجنيد شبان الطيبة لشرطة اسرائيل. عبارات: ’مبادرة للتجنيد  للشرطة’ و’متعاونة مع الدولة’. وفي مناسبات أخرى سمعتهم يقولون انني اشجع على الخدمة المدنية. ليس من الضروري ان اكون شرطية كي احاول ترك اثر في مجتمعي. اخرج مع اصدقائي واوزع الملصقات التي تدعو للحذر على الطرقات واشارك في العديد من النشاطات مع المجموعة في الطيبة. من غير الممكن ارغام من ليس لديه الرغبة بأن ينخرط في سلك الشرطة او الخدمة المدنية”.

على ضوء هذا قال بنتسي ساو- قائد لواء المركز في الشرطة انه لا مكان لخيبة الامل جراء غياب النتائج الفورية، فالجمهور العربي في البلاد فاقد للثقة بالشرطة وعلينا فعل كل ما هو ممكن لبناء ثقة الجمهور العربي بالشرطة. علينا ان نمنح هؤلاء الشباب القوة والثقة لعلمنا بأنهم هم من سيقودون المجتمع العربي ولكي لا يتركون الساحة للعنف. كل من ينخرط من شباب الطيبة في الشرطة عليه ان يعلم انه يؤدي خدمة لمدينته ولاهاليها. آمل ان يتحقق ذلك قريبا”.

* الى هنا ما ورد في تقرير صحيفة “هآرتس” عن دورة شارك فيها عدد من الطلاب المشاركين في مشروع “القيادة الشابة”، وكيف يرى كل جانب هذه الدورة من منظاره المختلف عن منظار الآخر.

‫4 تعليقات

  1. اسف على التعليق ولكن هذا التقرير منحاز للشرطه بكل الاحوال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *