كلمة حرة

“الفصحنة” هي السبب الأول في حوادث السير عندنا

ما ان دخلت الطيبة من الشارع المقابل للمقبرة، حتى فك ابن أخي المسافر معي بسيارتي من كفار سابا، حزام الآمان عن نفسه وتنفس الصعداء ثم استلقى إلى الخلف وانزل الكرسي قدر الإمكان ليكاد يكون سريرا بدلا من أن يكون كرسيا.

شرطة جماهيرية في الطيبة

استغربت الأمر واستفسرت: “ما بك ؟ ولماذا أزلت حزام الآمان بمجرد الانعطاف إلى داخل البلد؟”. فأجاب بكل ثقة وكأنه هو من وضع قوانين السير: “لقد وصلنا الطيبة ولا داعي للحزام هنا”.

في الواقع هذا التصرف هو “قمة الأيسبيرغ” أي رأس الهرم الثلجي المستتر تحت سطح الماء، وهذا اخطر ما يمكن بالنسبة للسفن في البحار القابلة للتجمد، واعتبره كذلك لأن هذا التصرف ينم عن فهم وإدراك خاطئين للانضباط في الشارع.

أبن أخي ليس الوحيد الذي يزيل حزام الأمان بمجرد بلوغه مشارف الطيبة، فالغالبية العظمى من السائقين والركاب غير المنضبطين يعتقدون أن حزام الأمان جاء أرضاءً لشرطي المرور وليس حفاظا على المسافر أو السائق ذاته.

أصرح هنا بأن قوانين السير في هذه البلاد هي الوحيدة من بين القوانين التي لا تنطوي على نصوص عنصرية ولا تجحف بحق المواطنين العرب، رغم أن تطبيقها أحيانا يشهد على غير ذلك.

من منا لا يشاهد المخالفات المرورية بأم عينه كل دقيقة أثناء سيره في المدينة، فهذا يستخدم هاتفه وهذا بلا حزام أمان وهذه تضع طفلها في حضنها وتقود سيارتها وباليد الأخرى تتحدث بالهاتف وهي وطفلها بدون حزام. مخالفات لو كان الواحد منا في كفار سابا أو نتانيا لما تجرأ على التفكير بارتكابها.

في الطيبة إذا كنت سائقا منضبطا تحافظ على قوانين السير، يظنك الباقون نذلا. فأنت تقف عند مفترق الطرق تنتظر سيارة قادمة من جهة اليسار مثلا، لأنها ذات حق أولوية، ولكن السيارة بدلا من أن تواصل سيرها من أمامك، تنعطف بجانبك دون أن يكلف السائق نفسه عناء إعطاء الإشارة كي تفهم نواياه ولا تنتظره، فهو سيد نفسه وهو اكبر من أن يعطي إشارة لأي كان، انه ملك الشارع.

التجربة علمتني، وأنا خلف المقود منذ 33 عاما، أن الشارع هو المكان الوحيد الذي يستطيع السخيف أن يتطاول على الخلوق. هذا هو المجال الذي يبحث فيه عادة كل فاشل عن إثبات الذات.

فهو يحاول باستمرار أن يبرهن لك انه سائق ماهر وانه يتدبر أمر سيارته أفضل منك أيها الدكتور أو المحامي أو المعلم أو الإنسان المهذب أي كنت، لا لسبب سوى انك تقود سيارتك ببطء وحذر. فهذه فرصته التي لا تعوض كي يثبت لك انه أفضل منك ولو في قيادة السيارة. فتراه ورغم انه ليس في عجلة من أمره، يسابق ويخاطر ويمر فوق الخط الأبيض غير المتقطع، ويمر باللون الأحمر عند شارة المرور ويجتاز سيارتك في مكان تنعدم فيها الرؤية ويخاطر بحياته وحياتك وحياة كل من على الشارع في تلك اللحظة كي يصل إلى حيث كان متجها وقبلته في العادة المقهى حيث يجلس بقية الشلة، فيجلس بينهم ويتناول النرجيلة، هذا هو الدافع وراء كل هذه المخاطرة والسرعة منذ قليل.. النرجيلة والانتفاخ كالطاووس بين الأصدقاء وكأنه عائد من رحلة فضائية.

هذه الفصيلة من السائقين يعانون من نواقص كثيرة وآخرها هو عقدة الفاشل، ولهذا فهم آفة الآفات على الشارع وهم عادة سبب الحوادث المتكررة الناجمة عن تهور. لأن غالبية حوادث الطرق في الطيبة تقع بسبب ما يعرف بـ “الفصحنة” أي أن يحاول احدهم ان يثبت للآخرين كم هو بارع، وانه لا يخشى شيئا وانه شجاع لدرجة انه لا يأبه الموت، وانه على يقين من أنه لن يصاب، ولكن هذه الشجاعة والبراعة تختفي بمجرد أن يقطع مفرق تسور نتان إلى الجنوب أو مفرق قلنسوة إلى الشمال، حيث تسود قوانين مختلفة عن قوانين البؤس و”الفصحنة” الدارجة في الطيبة.

لولا ازدياد عدد ضحايا حوادث الطرق ومصابيها في الطيبة لما أزعجتكم. حماكم الله من كل سوء.

أخوكم ابو الزوز

تعليق واحد

  1. כתבה לעניין!
    הרוב המוחלט של התושבים בטייבה מצפצפים על החוקים ! כל אחד שנוהג במהירות מופרזת חושב שהוא מלך הכביש ושהכביש הוא הרכוש שלו!
    חוץ מהצפצוף על החוקים יש גם תופעה מאוד מגעילה שגורמת לי לשנוא לנהוג בתוך העיר והיא שכל אחד שרוצה לקנות משהוא מאיזה חנות הוא פשוט עוצר באמצע הכביש ללא התחשבות בתנועה וללא התחשבות בנהגים אחרים שצריכים לעבור משם ! כאילו ראבבאק תחנה קצת רחוק ולך ברגל קצת לא יקרה כלום

    ותודה על התור אבו זור …לעניין

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *